حيرت قلبي معاك
أجالس كتابي كعادتي في كل مساء، أضع قهوتي على النار ثم أصبها في كوبي الأزرق، أبدل ملابسي وأرتدي منامتي الزرقاء، أتعطر بالمسك، أشرب قهوتي وأبحث عن أغنية طويلة لوردة أو أم كلثوم وأحيانًا عبد الحليم. تنتهي الأغنية التي اخترتها فيملأ الغرفة صوت أم كلثوم في أغنيتها "حيرت قلبي معاك" ، أتوقف عن القراءة للحظات، أستمع لها وهي تصف حالي بدقة، أهرع لدثاري الأزرق وأختبئ بداخله من حقائقي، أغلق أضواء الغرفة ،أفتح نافذتي واندس تحت الستار، يصطدم الهواء البارد بوجهي ويصدح صوت أم كلثوم
" وبين شوقي وحرماني
وحيرتي ويا كتماني
بدي أشكيلك من نار حبي
بدي أحكيلك عالي في قلبي
وأقولك عالي سهرني
وأقولك عالي بكاني
وأصورلك ضنى روحي
وعزة نفسي مانعاني!"
تتجاذبني الذكريات كأمواج البحر ميمنة وميسرة، أبتسم حينًا وأدمع حينا. أتكهن بما قد يحدث، أنفض رأسي وأبتسم بسخرية على ما أنا فيه، أحاول أن أتم أي مهمة لأهرب مما أنا فيه، أغلق هاتفي تمامًا وأرمي به في صندوق بعيد عن يدي وعيني، أقضي نهاري في متابعة لقاء سياسي لا يعنيني أمره، ألقي قصائد لا تقصد القلب بسهام ذكرى، أبكي أحيانًا وأسعد ببكائي الخافت مثل وجعي، أوقن أنني لن أحتمل كما تقول روضة، وأوقن أيضًا أنني على أبواب الشفاء من أوهام أكلتني، أكلت قلبي، من حيرة ربّت بقلبي أفاعي الكلام، ومن كل شيء، أسخر مني، مما أنا فيه، وأضحك كما لم أضحك من قبل، ضحكًا تتخلله الدموع، وأبقى على حالي هذا حتى ينقضي الليل، فأفعل ما تفعله امرأة غير عادية في قصيدة محمد عبد الباري، ألملم ليلي، أحرر الأغاني من معانيها، أجر الذكريات إلى أماكنها من النسيان، و أطفئ قلبي أثناء إطفاء الشموع وأرجعُ الآن القناع لوجهي أثناء ارجاع النبيذ إلى الخوابي.
تعليقات
إرسال تعليق