عن صديقة
أحدثكم عن رفيدة، عن هذه المساحة الشاسعة من حياتي، عن كل أحاديثنا معًا، عن شالها الذي تدثرت به من البرد، وعن دبابيس الحجاب الكثيرة التي أستعيرها منها كل يوم وأضيعها.. عن الصديقة التي تحل كل أسئلتي، لا أحتاج للتجمل في حضرتها ولا أحاول أن أكون شيئًا غيري أنا، عن أحاديثنا الطويلة صباحًا عندما أزور غرفتها، عن التشابهات الصغيرة بين السودانيين في كل مكان، عن مشاكستي لها في كل الأوقات، وعن الدقائق التي تخصصها لتدقيق نصوصي المليئة بالأخطاء النحوية والإملائية المخيفة، فأفرح في كل مرة ينال فيها ما أكتب استحسان رفيدة وأستعير قول جبران " وماذا ينفعُ الإنسان إذا ربِح استحسان العالم وخسر استحسان رفيدة ؟" فأشعر في كل مرة تثني عليّ فيها أنني نلت استحسان العالم أجمع.
خرجت لتوي من مدونتها ولم أخرج من حكاياتها، فأنا أعود إليها كلما أضل طريقي وكلما تهت، أهتدي بأحايث رفيدة عن "الهوية" و"الثقافة الثالثة" و"بيت الوكالة" وتبقى أحاديثها عالقة في ذاكرتي لأيام طويلة، عن مراجعتها لكتاب "رأيت رام الله " لمريد البرغوثي ومنحي فرصة المداخلة الأولى، ويعلق طعم كل هذه الأحاديث في فمي كما علق طعم "الفطير المسكر" وطعم القهوة - التي لم أردها بعد - في المقهى المجاور لبيتنا..
مازلت أحتفظ بصورة رفيدة على مسرح اثراء وظلال الخرطوم خلفها، وأنا أصفق حينًا وأبكي حينا، ألتفت لمريم وأشير بكفي إلى صورة الخرطوم خلف ظهر رفيدة كما يشير الطفل حين يرى زهرةً أو طائرًا بأجنحة ملونة. هذه الصورة الضبابية كانت أعظم ما خرجت به من "أقرأ".
هذه التدوينة القصيرة جدًا جدًا والظالمة جدًا بحق رفيدة الشاسعة المتشعبة مثل روافد نهر النيل الكثيرة..
هذه الأسطر القصيرة بكل زلاتها وأخطائها مهداة إلى رفيدة.
أنار الله دربك وأنار دربي بنورك..
شكرًا يا رفيدة
شكرًا يا الله على رفيدة
تعليقات
إرسال تعليق