قراءة متأخرة للحزن
لا أظن ذلك، فأنا أستوحش نهارًا، بين الجَمع والرفقة، ولا أظن أن لوحدتي حلّ، هل أُرجئ ذلك لتعددي؟
أنا كثيرة، فائضة عن حاجتي، ومشوشة!
لذلك فإن لي وجهًا مُغايرًا ألقى به كل صديق، هُناك من ألقاه ليتكئ عليّ فقط، ولأستمد أنا قوتي من إدراكي أني قادرة عن مساندة أحدهم وأن عجزي عن مساندة نفسي لا يطفو على سطح هذه الصُحبة..
وهُناك من ألقاه لأتكئ عليه، فأعرف بعد عودتي من دربه أني ما زلت قادرة على شرح حُزني وتشريحه، لكني أنكفئ على نفسي بعد ذلك وأنا أحاول أن أقنع السيدة العنيدة بداخلي أنها لم تُثقل على مُحدثها، وأوبخ الطفلة التي تكشف كل حزن، وتأبى أن ينال حُزنها مواساة، وتنكمش كلما امتدت يدٌ ما لتحنو عليها..
وهناك من يلقى فيّ المتعلمة الجادّة التي تُحاول مجدًا، ولا تسقط إلا في العتبة الأخيرة قبل بلوغه..
ومن يجدني في بُرجيّ العاجي، أقرأ وأكتب وأهذر بتاريخ عادي لامرأة غير عادية، وأستمع بمهادنة لما تُمليه عليّ قوائم ال soundcloud التي تجد دائمًا جُرحًا مندملًا في مكان ما لتنكأه..
ما أضرّ بي الآن هو ما أضر بأهل العشق
"تفنى عيونهم دمعًا وأنفسهم
في أثر كل قبيح وجهه حسن"
تفنى عيوني، ونفسي في محاولة تمييز القبيح من الحَسَن، في محاولة استشعار مواطن الجمال والحُسن؛ حتى في حُزني، الذي "له كفًا إذا ما أراحها على جبلٍ ما استقام بالكف كاهله"..
وعمري يذوب كقطعة سكر في كوب شاي، والحسرة تكمن في أن الشاي مُرّ لا يحلو ولا يعذب، يُغني كوب الشاي لعمري الضايع مُتعجبًا "يحسبوه إزاي عليّا"..
وأنا أنظر من علو فأرى تساقط وجوهي كلها، وأنا عاجزة عن الكلام، عن المضي، وعن إتمام درب لا أعرف نهايته، عاجزة عن قراءة واقعي وعن فهمه.
وأذكر ما قيل وأنسى قائله
"حسبي محاولةُ الحياةِ
وإن أمُت
الله يعلمُ أنني حاولتُ"
تعليقات
إرسال تعليق