المشاركات

https://shubak22.blogspot.com/2024/01/blog-post.html

قراءة أخرى للحزن

صورة
. قراءة أخرى للحُزن قراءة أحاول إنجازها دون مدح أو تغني، دون أن أمسك كف الشِعر الممدودة دائمًا؛ ودن أن أرى الحُزن رجلًا نبيلًا شجيًا؛ أو حتى سيدة ترتدي ثيابًا حالكة الظُلمة، قراءة أحاول فيها إيجاد الصورة الأبهى لحُزني، حُزني المُغترب عن كل حزن مُعرّف، أبيض ناصع مثل صفحات مُربكة تنتظر مني حروفًا وكلمات، شريدٌ مبلل الثياب واقف على أبواب الأحبة يقطر دمًا ودمعا وانتظارا، رفيقي الذي يضع يده الثقيلة على كتفي حتى يميله، وهمّي الذي أراه في الحُلم والصحو، وجهتي التي أخطو إليها بغير وجل أو خوف، بلادي التي أهاب بُعدها، وليلي الذي أُسيجه بالشعر الأغنيات، حكاياتي المحبوسة في النهايات التعيسة، أغنياتي التي لطالما أوجعت مُغنيها وأكلت روح شاعرها.. حُزني وجهٌ من وجوهي، لا يسعني تجاهله أو اجتنابه، ولعله يعاتبني ويثقل عليّ حين أحاول تأطيره، حين أحاول تخديره بالشعر والحكايات، وحين أهرب من حقيقته فأورده المجازات.. ليلة واحدة من سبع ليالٍ يسكنها وجه حُزني، يساومني فيها على غيبته في الليالي الباقيّة، يمسح الغبش عن عيني، يغسل بصيرتي، ويهمس لي بالحقائق التي تجاهلتها في لياليّ السِت السابقة، يروي عن الذين أحببت...

بين الحمامة وطوق الحمامة

صورة
بين الحمامة وطوق الحمامة صُلح مؤقت  تدوينة العام الثاني والعشرين.  يقول الشاعر أحمد بخيت " في الحُب لا رقٌ ولا إعتاق أعلى ذُرى الحرية استرقاق لا طوق في عنق الحمامة إنما طوق الحمامة قلبها التوّاق"  أُعيد قراءة ما كتبته بثينة العيسى في "كبرت ونسيت أن أنسى"، ويستوقفني قولها الذي تبنيته ورددته لأعوام طويلة حتى اعتدته ونسيت مصدره..   " آتني لُغتي، آتني لُغتي، يارب اللُغة، لك السبحان والمجد.." أكتب في هذا العام نصًا موغلًا في الذاتيّة؛ عن الشِعر الذي يسيج حواف الحياة والذاكرة، عن المعطف الأبيض وما يخفيه، وعن البلاد وما ورثته منها من آمال وخيبات، وعن المرايا والوجوه..  ألتفت للمرايا أينما واجهتها، أنظر إليها وأبتسم، أُحييها، وأنظر لما خلفها، أرى صورتي القديمة في خمس مرايا مُعلقات على جدار العُمر الواسع..  في المرآة الأولى  تحت شجرة كبيرة وعظيمة، على ضفة نهر شديد الزُرقة؛ طفلة محلولة الضفائر، يسري على جيدها شعر مموج، تخيط بكفها موضع جرح في صدرها، بادٍ على وجهها وجع طفيف لا تطفئه ابتسامتها؛ تُغرد حولها العصافير ويزهر تحت أقدامها الورد والريحان..  في ...

شبيه الريح

صورة
جاء تصالحي مع صوت محمد عبده مُتأخرًا، في ظهيرة كهذه مرّت أغنيته "شبيه الريح" في قائمة أغنياتي مُصادفة فغرقت - دون أن أحس - في بحار الدمع والذكرى.. عرفت في صوته صورة الغربة التي كُنت اتحاشاها، الخصوصية التي تجعل أغنياته حكايات مرتبطة بكل ما ألفه وعرفه أهل الخليج، بحكايات الحُب عند أبناء وبنات جيلي، وبالفن الخاص جدًا الذي يستمد قوته ومعناه من الوقت.. وأنا لا أعرف الوقت، لا أعرف ألفته التي تمرّ على الجميع حين يغنون بصوتِ واحد أغنية معروفة ومألوفة؛ لا يذكر أحدهم كيف عرفها ومتى ألفها، الوقت سائل حين نألف، جامد يُحكى ويروى ويقف في ذهن الغُرباء.. حتى الآن شبيه الريح هي الأغنية الوحيدة التي بوسعي أن أرى فيها محمد عبده مُجردًا من سياقه، لارتباطها غير المقصود بحكايتي وسياقي.. أسألك الآن، والكاف ضمير عائد إليك - يدّل دربه - شبيه الريح وش باقي؟  "أبي أعرف إذا باقي في بحرك موج أكسر فيه مجدافي  وأبي أعرف إذا باقي في همك همّ ما شالته أكتافي"

كيف أنساكِ؟

صورة
إلى البلاد كيف يمكن أن نعتاد غيابنا عنك؛ كيف يمكن أن نرى تحوّلك المخيف من مكان وحياة" نهوي عديلها ونرضى صعابها"؛ لحمل خُرافي ثقيل؛ تضيف عليه الذاكرة تفاصيلًا مشكوكًا في صحتها يومًا بعد يوم، كيف يمكننا أن نختزل بيوتك الواسعة في حقائب النزوح الضيقة؟  "إلي أين نمضي بعدكِ والشواطئ قبلة منتحلة"  في هذه الليلة، أفتش كعادتي في ختام كل يوم عن أغنية جديدة، ربما تعييني على معرفتك أكثر؛ اتساءل متى أصبح كل ما نعرفه عنك سرابًا مُخاتلًا يغشى عيوننا قبل النوم، وحُلمًا رماديًا في ساعات الفجر الأولى، متى احتّلت كُل تلك الأغنيات هذا المكان في قائمة التشغيل..  ومتى أصبح سُهادي آية محبتي لك، أنا التي صاحبت طيفك ليلًا ونهارًا، وأنشغلت بخيال محبتك عن حقيقتك، آلمني بهاكِ، وأعمى عيني نورك، وامتلأ قلبي بخوف فقدك فانشغل بخوفه عن معرفتك والاستئناس بك..  لكننا لم نتأخر.. مازال في العمر بقيّة؛ لأعرفك وأكتبك، ربما لأن الوقت لا يمضي سريعًا في انتظارك.. أتبع أغنياتك لأننا شعب "يقطف الموّال من أقصى العذاب" حكاياتك وظلالك تخرج من كل مكان؛ اليوم فقط أصبحتِ أكبر من اللوحة المُعلّقة على جدار...

حكاية محمود درويش في أرض الكلام

.حكاية محمود درويش في أرض الكلام  يشق صوت وردي سكون الليل مُغنيًا "دي الإرادة أجبرتني في هواكم" وأقرأ كعادتي في معظم الأعياد كتابًا عن محمود درويش، وأظن أني وقفت اليوم على الإكتشاف الأعظم والأعذب.. سيرة ذاتية جميلة ومُفصلة ومُرتبة ترتيبًا زمنيًا بديعًا، تروي حكاية محمود درويش في أرض الكلام من البدايات وحتى الوفاة. لا يخفى عن كل من يعرفني تعلقي وولعي الشديد بشعر وشخص محمود درويش، وارتباطه الوثيق بكل سنوات حياتي منذ المراهقة وحتى هذه اللحظة، ارتباط جعلني أصف نفسي وأُعرفها بقولي "أُحب الشِعر والحكايات ومحمود درويش"   لكني أزعم وأظن أن الحرب في السودان أورثتني فهمًا أعمق لشخص وشعر درويش وهذا ما رأيته واضحًا جليًا في قراءتي لصفحات هذا الكتاب.. آمنت هذه المرة أن اتصالنا المُباشر بالمآسي يُعمّق شعورنا وفهمنا لما تنتجه هذه المآسي من شعر وحكايات.. وصوت الشعر الفلسطيني في ذاكرتي وعيني هو صوت درويش. .. كل الكتب التي قرأتها حول سيرة محمود درويش لم تكفني، وكانت بالنسبة لي لا تتعدى كونها لقطات مُجتزأة من فيلم روائي طويل؛ تختزل درويش الشاعر والفنان والإنسان في قالب واحد.. وفي العم...

قلق التأخُر

صورة
.قلق التأخُر.  " البيوت التي ودعتنا في شهقة الفجر ولم نعرف مُنذها طريق النبع أبدا.."  أتساءل اليوم إن كان بوسعي الكتابة عن هذا الوجع الجمعي؛ عن الحرب، عن عام في عمري كان هذا الحدث البشع والمزلزل أهم أحداثه على كُل المستويات ..  أعرفُني اليوم أكثر خوفًا مما مضى، أكثر تشكيكًا في حقيقة كُل شيء، لأن ركني الوحيد انهدم ولم يبق منه غير الطلل، أرى جنود الميليشا يغزون أحلامي الطويلة؛ والتي كانت دائمًا وسيلتي الوحيدة للتلاقي حين يغلبني الشوق!  أقصي نفسي عمدًا من خوض نقاشات كثيرة عن آثار الحرب عليّ، لأني أعرف أن هُناك من تكبّد آثارًا أعظم، وكنت كما تقول الأغنية "أغالب دمعي وأتصبر"، وأروح عن النفس بالكتابة التي تلامس دائمًا حاجز البوح الشفاف ولا تخترقه خوفًا من ابتذال الوَجع، وهذه كانت الخُطة في البداية: كتابة نص قصصي طويل عن القشة التي تمسك بها الغريق، وذات القشة التي قصمت ظهر البعير؛ لكني ولأول مرة أظن أني نجحت - بدون سبق إصرار - في تخطي القالب الشخصي للحكاية، أصبحت في عز شكّي أملك لسانًا لطالما تمنيته..  ولأن لنصوص أعياد ميلادي سردية خاصة كنت أحرص فيها على الصدق والرضى؛ ...